تتضح يوماً بعد يوم النتائج السلبية الوخيمة الناجمة عن تخلّف القوانين وعن سوء الإدارة السياسية للدولة وعجزها عن معالجة المشكلات ذات الصلة بحياة المواطنين في مختلف المجالات، حيث تمثّل مشكلة عدم قدرة جامعة الكويت على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة المتقدمين للالتحاق بها واحدة من هذه المشكلات المؤسفة التي تتكرر سنوياً، فيما تفاقمت المشكلة هذه السنة على نحو ملحوظ؛ وهي مرشحة للتفاقم أكثر فأكثر في السنوات المقبلة مع التزايد المطّرد لأعداد الطلبة المتقدمين للالتحاق بها.
وتعزى مشكلة عدم قبول آلاف الطلبة المتقدمين للالتحاق بالجامعة إلى عدد من الأسباب والعوامل من بينها:
أولاً: محدودية الطاقة الاستيعابية لجامعة الكويت، خصوصاً في ظل تراخي الحكومة في إنجاز مشروع المدينة الجامعية في الشدادية.
ثانياً: النتائج السلبية الواضحة التي نجمت عن تطبيق القانون رقم 24 لسنة 1996 بشأن تنظيم التعليم العالي الذي فرض نظام الفصل بين الطلاب والطالبات في المباني وقاعات الدراسة والمختبرات والمكتبات، بحيث أصبحت هناك شعب دراسية منفصلة للجنسين ما يصعب معه توفير العدد الكافي من الهيئة التدريسية وقاعات الدراسة والتجهيزات، وهذا ما فاقم من حدة كلٍّ من مشكلة عدم قبول الطلبة الجدد المتقدمين إلى الجامعة ومشكلة الشعب المغلقة في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للجامعة.
ثالثاً: عدم جدية الحكومة في تنفيذ المقترح المطروح منذ سنوات الداعي إلى إنشاء جامعة حكومية أخرى إلى جانب جامعة الكويت التي مضى أكثر من 45 عاماً على تأسيسها.
رابعاً: عدم كفاءة الجامعات الخاصة وطغيان الجانب الربحي التجاري عليها، والآثار السلبية الناجمة التي تسبب فيها تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 34 لسنة 2000 بإنشاء الجامعات الخاصة التي فرضت نظام الفصل بين الطلاب والطالبات، بالإضافة إلى قصور نظام البعثات الداخلية إلى الجامعات الخاصة حيث لا يزيد عدد مقاعد هذه البعثات في الفصل الدراسي الأول لهذه السنة عن 1910 مقاعد فقط.
خامساً: محدودية الميزانية المخصصة للبعثات الجامعية الخارجية قياساً بالاحتياجات الفعلية للبعثات وضخامة الميزانية العامة للدولة.
والمؤسف أنّ هناك تقصيراً من الحركة الطلابية ممثلة بالاتحاد الوطني لطلبة الكويت في التحرك من أجل إيجاد حلول ومعالجات لمشكلة عدم القبول في الجامعة وذلك بسبب الارتباطات السياسية والحزبية لقيادة الاتحاد ورفضها الانتقاد الموضوعي لسلبيات قانون فرض نظام التعليم المنفصل، وكذلك هو أيضاً الموقف المنافق لأسباب انتخابية للعديد من أعضاء مجلس الأمة الذين يحاولون تجاهل سلبيات هذا القانون المتخلّف ودوره في تفاقم المشكلة.
ويرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّ حلّ مشكلة عدم قبول الطلبة المتقدمين للالتحاق بالجامعة يتطلب الإسراع في معالجة سلبيات القانون رقم 24 لسنة 1996 في شأن التعليم العالي والقانون رقم 34 لسنة 2000 اللذين فرضا نظام التعليم المنفصل بين الجنسين كأسلوب وحيد للدراسة الجامعية، وذلك بتعديل هذين القانونين بحيث يصبح هناك خياران متاحان في جامعة الكويت والجامعات الخاصة يضمنان حرية الاختيار ويعالجان المشكلة، أحدهما خيار التعليم المشترك والآخر خيار التعليم المنفصل للإناث بإنشاء كليات بنات جامعية للطالبات الراغبات بالتعليم الجامعي المنفصل وذلك إلى جانب الكليات الجامعية المشتركة مثلما هي الحال في معظم بلدان العالم، بما فيها غالبية البلدان العربية والإسلامية، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات جدّيّة لزيادة الطاقة الاستيعابية لجامعة الكويت، وانجاز مشروع إنشاء المدينة الجامعية في الشدادية، وإنشاء جامعة حكومية أو أكثر إلى جانب جامعة الكويت مع فتح فروع لها في محافظات البلاد، وزيادة مخصصات ميزانية البعثات الخارجية.
"التيار التقدمي الكويتي"
الكويت في 23 يوليو 2011