سبق لنا في "التيار التقدمي الكويتي" أن دعونا إلى رحيل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تتبنى نهجاً جديداً وتوجّهاً إصلاحياً، وذلك كخطوة أولى مستحقة على طريق تلبية مطلب الإصلاح السياسي... وقد صدرت في الآونة الأخيرة دعوات مماثلة عن عدد من التجمعات والتيارات السياسية والكتل النيابية، ما يؤكد أنّ هناك توافقاً عاماً حول هذه الخطوة.
إنّ الدعوة إلى استقالة الحكومة الحالية ورئيسها لا تنطلق من مواقف شخصانية، مثلما يحاول البعض أن يصورها، وإنما تعزى إلى ما عانته الكويت في ظل الإدارة السياسية الحالية من فساد وإفساد وسوء إدارة وتخبّط وتبديد للأموال العامة وضعف فاضح في الأداء وانفراد في القرار، وتراجع مؤسف للكويت في العديد من المؤشرات والمعايير الدولية.
ولئن كان صحيحاً أنّ حالة التردي العام، التي تشكو منها الكويت، وتفاقم المشكلات العامة إنما هي نتاج طبيعي للنهج المتبع في إدارة شؤون الدولة وسوء سياساته وخياراته، فإنّ الحكومة الحالية ورئيسها وحكوماته الخمس السابقة المتعاقبة هي التي تتحمّل المسؤولية الدستورية والسياسية والأدبية عن ذلك.
إنّ المطلوب ليس تغيير شخص الرئيس وأشخاص نوابه والوزراء، بل لابد أن يقترن مثل التغيير بتغيير في النهج والسياسات، وذلك بالتزام تام بالدستور، وتطبيق جاد للقوانين، ومحاربة حازمة للفساد والمفسدين، وكفّ اليد الحكومية عن التأثير على إرادة النواب وشراء ذممهم، ووقف كافة أشكال التدخل السلطوي في الانتخابات، ووضع حدّ لاستغلال النفوذ وللتعدي على الأموال العامة وأملاك الدولة، والكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين في الدولة، وتمكين المواطن الكويتي من نيل حقوقه على نحو متساو وعادل وفقاً للقانون من دون وساطة مذلة أو تمييز معيب، وتحسين الخدمات العامة والدفاع عن مستوى المعيشة بالحدّ من التضخم النقدي ومحاربة الغلاء وارتفاع الأسعار وربط سلم الرواتب بارتفاع تكاليف المعيشة، والتصدي لمحاولات تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي واستعداء بعض فئات المجتمع الكويتي، والتأكيد على مبادئ المواطنة الدستورية المتساوية وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية... وخلاف ذلك فإنّ أي تغيير حكومي من دون تبني مثل هذا النهج الإصلاحي البديل سيكون مجرد تغيير في الوجوه والأسماء ولن يجدي نفعاً في تصحيح المسار ومعالجة المشكلات.
وختاماً يؤكد "التيار التقدمي الكويتي" إنّ الإصلاح السياسي هو المدخل الأول لأي إصلاح، إذ أنّه لا يمكن إصلاح أيٍّ من الاختلالات الأخرى وتصحيح المسار المنحرف إلا بإصلاحات سياسية ودستورية تعيد الاعتبار إلى مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة، وتنهي نهج الإنفراد بالسلطة وتحقق المشاركة الشعبية في إدارة الدولة وفي القرار السياسي، وتفتح الباب أمام إقامة حياة ديمقراطية سياسية سليمة في ظل نظام دستوري برلماني.
الكويت في 5 مارس 2011