جاءت المبادرة الأميرية السامية بتشكيل اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية كواحدة من الخطوات المستحقة لبحث كيفية التعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية للنظام الرأسمالي العالمي وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الكويتي في ظل الاستغلال السيئ للفوائض المالية والفشل الذريع الذي اعترفت به الحكومة في تنفيذ الخطة الإنمائية.
ونحيي هنا التوجيه السامي الوارد في كلمة صاحب السمو الأمير أمام أعضاء اللجنة بضرورة "مراعاة أصحاب الدخول المتدنية في كل الإجراءات المقترحة، وألا يترتب عليها ما قد يثقل كاهلهم في مواجهة أعباء الحياة وتكاليفها"، ونطالب اللجنة والحكومة ومجلس الأمة بالتزام هذا التوجيه الهام وعدم المساس بمستوى المعيشة العام للطبقة العاملة والفئات الشعبية سواء فيما يتعلق بالرواتب والأجور التي هي حقوق مكتسبة، أو تلك الاقتراحات الداعية لاستحداث ما يسمى ضريبة القيمة المضافة على المبيعات التي من شأنها إرهاق المستهلكين محدودي الدخول، وكذلك ما يُثار في شأن تقليص الدعم الحكومي وتقليص بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية.
إنّ ما يعانيه اقتصادنا الوطني من اختلالات هيكلية إنما هي نتاج ارتكازه على بنية اقتصادية ريعية ذات مورد أحادي، وارتباطه التبعي بالنظام الرأسمالي العالمي عبر تأدية وظيفة متخلفة في إطار التقسيم الدولي للعمل تتمثّل في تصدير النفط الخام؛ بالإضافة إلى النهج الاقتصادي للقوى الاجتماعية المتنفذة وما أدى إليه من اختلال توازن البنية الاقتصادية لصالح القطاعات غير المنتجة والتطور الأحادي الجانب، وإعاقة نمو وتطور القوى المنتجة المادية والبشرية وتكريس تخلفها، عبر سياسات اقتصادية وتوظيفية حجر الزاوية فيها الاعتماد علي الأيدي العاملة غير المُستقرة كبديل وليس كمُكمّل للأيدي العاملة الوطنية والمُستقرة ، وأصبحت إيرادات بيع النفط الخام تشكّل مصدر النشاط الاقتصادي، مع ملاحظة ضعف صلتها ببقية القطاعات الاقتصادية باستثناء صلة التمويل، وما يتهدد الموارد النفطية من مخاطر النضوب بفعل الاستنزاف أو جراء ما يمكن أن يسمى "النضوب التقني" في حال إنتاج طاقة بديلة بكلفة مناسبة.
وتبرز تبعية الاقتصاد الكويتي في أدائه وظيفة متخلفة في إطار التقسيم الدولي للعمل تتمثل في تصدير النفط كمادة خام واستيراد كافة احتياجات البلاد من الخارج، واستثمار الاحتياطي المالي العام وتحويلات القطاع الخاص إلى الخارج على هيئة ودائع أو أصول ثابتة مما يعزز الشراكة الطبقية مع الاحتكارات من موقع التبعية. مع ملاحظة ما تواجهه هذه الاستثمارات من انخفاض لدخولها وتآكل قيمة أصولها، وكونها بالأساس تحت سيطرة وإدارة أجنبية، وتؤكد التطورات الاقتصادية العالمية أنّ ذلك يزيد من مخاطر تآكلها نقدياً واستثمارياً قياساً بالاستثمار المحلي المنتج، هذا إلى جانب الاعتماد على الخبراء والبيوت الاستشارية الأجنبية في الأجهزة الاقتصادية.
ويتضح الطابع الطفيلي للاقتصاد الكويتي في تلك الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك لغير صالح تراكم حقيقي لرأس المال، والتي تتم تغطيتها عن طريق ريع النفط، وتضخم الإنفاق الحكومي وارتباطه بسياسة غير عادلة لتوزيع الدخل والتصرف بالثروة الوطنية. وهذا ما أدى إلى إهدار جانب كبير من هذه الثروة وتنامي فئات طفيلية لا تقوم بأية وظيفة اجتماعية مفيدة، ونمو رأس المال المالي والربوي واتساع عمليات المضاربة والسمسرة، وضعف ارتباط القطاع المصرفي بالاستثمار الإنتاجي، حيث قد أثبتت التطورات استحالة الاعتماد علي القطاع المصرفي في دعم الاستثمار المالي من دون أن تكون هناك سياسة مالية مركزية تُقيّد هذا النشاط وتضع اعتبارات المصلحة الوطنية الاقتصادية بعيدة المدى أساساً لنشاط المصارف، بالإضافة إلى هيمنة القطاعات غير الإنتاجية كالخدمات والتجارة، وما يرافق ذلك من انتشار لقيم المجتمع الاستهلاكي والموقف السلبي من العمل المنتج.
ويتخذ التوزيع غير العادل للدخل والثروة الوطنية مظاهر عديدة أدت إلى اتساع الفوارق الطبقية في المجتمع الكويتي وتمركز رأس المال والثروة في أيدي فئة وأسر محدودة، وتوجيه سياسة الإنفاق لصالحها.
ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" نرى أنّه إزاء فشل وإفلاس النهج الاقتصادي القائم وعدم ارتباطه بالمصالح الأساسية لغالبية الفئات الشعبية، لابد من انتهاج سياسة اقتصادية وطنية بديلة لبناء اقتصاد وطني متطور ومستقل بهدف تجاوز أوضاع التخلف والتبعية والنهب الطفيلي واستباحة المال العام والتوزيع غير العادل للثروة وغياب التخطيط، وهذا ما يتطلب:
1- تنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، بإقامة صناعة وطنية تعتمد على أحدث التقنيات، وتوفير الحماية والدعم لها باعتماد خطة تصنيع تتلاءم مع إمكانيات البلاد ومتطلبات السوق الداخلي والخليجي، وتسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وذلك بتشجيع الصناعة الوطنية وتوفير الحوافز الملائمة لتطويرها وتطوير الكادرين الفني والإداري المحلي فيها، والتركيز على الصناعات البتروكيماوية وتطوير الصناعات القائمة وخصوصاً المعتمدة على النفط. هذا إلى جانب تطوير قطاع الملاحة والنقل البحري.
2- الاستخدام العقلاني الرشيد وطويل الأمد للثروة النفطية وإبقائها بيد الدولة ورفض خصخصتها وصد الأبواب أمام سعي شركات النفط العالمية الكبرى لإعادة هيمنتها عليها تحت غطاء اتفاقيات المشاركة في الإنتاج، وربط سياسة إنتاج النفط وتصديره بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ وكذلك ربطها بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية القابلة للاستخراج، ووضع ضوابط للحد من استنزاف الثروة النفطية، وتعزيز وحدة الأوبيك في مواجهة الاحتكارات، والعمل مع بقية دول الأوبيك والدول الأخرى المنتجة والمصدرة للنفط على اعتماد وحدة حسابية أخرى لمعاملات النفط الدولية بدلاً من عملة الدولار الأميركي المتآكلة باستمرار.
3- البدء في أبحاث تأسيسية للاستثمار في مجال الصناعة المستقبلية للطاقة الشمسية لتميّز بلادنا بموقع الاستفادة الاقتصادية الأكثر إنتاجية وبالتالي إمكانية توفر ميزة للربح في مجال هذه الصناعة الوليدة حالياً، والمربحة مستقبلياً، واستعمال بدائل أخرى لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه مثل الطاقة الشمسية خصوصاً لمرحلة ما بعد النفط، والانتباه إلى العواقب البيئية لأي إصلاح اقتصادي والاهتمام بالبيئة كأولوية لأي مشاريع مستقبلية .
4- تنمية الموارد البشرية المحلية وتعبئتها، وتأهيل قوة العمل الوطنية والاعتماد عليها وعلى العمالة المستقرة من "البدون" والوافدين العاملين، وبالأساس منهم الخليجيون والعرب، بدلاً من جلب المزيد من العمالة الأجنبية الجديدة.
5- الاهتمام بقطاع الدولة (القطاع العام) في الاقتصاد وتوسيعه، وتحسين إدارته وإعادة تنظيم مؤسساته وتنشيط فعاليتها وفقاً لأصول الإدارة الحديثة، ومراقبة أدائها، وتطوير القطاع المشترك، واستثمار المال الاحتياطي العام للدولة في مشاريع منتجة من أجل رفع وتائر النمو الاقتصادي، ورفض التصفية النهائية لقطاع الدولة (القطاع العام) ومحاولات تقليص الدور الاقتصادي للدولة، وعدم تخصيص النشاطات الاقتصادية المنتجة والناجحة في القطاع العام. مع التأكيد على أهمية الدور الريادي للدولة في الاقتصاد كضمانة ليس لتعظيم الإنتاج فقط، بل وعدالة التوزيع وحماية النشاطات الخدمية الحيوية، كذلك التنبّه إلى مخاطر رهن هذا القطاع الهام والحيوي لخدمة المصالح الطفيلية الخاصة التي تعتاش على تخريب القطاع العام وتعمل على استشراء الفساد والاختلالات فيه لتحقيق المنافع الفئوية.
6- عدم تقديس آلية السوق ومحاولة إضفاء طابع سحري خادع عليها في حلّ المشكلات الاقتصادية، حيث ثبت أنّ اعتماد آلية السوق من شأنه تجاهل المسؤولية الاجتماعية لرأس المال؛ وعدم تحقيق نمو اقتصادي متوازن واستغلال أنسب للموارد، وإنما الهدف منه تعظيم الأرباح، بل لقد أكدت التطورات المعاصرة في عالم رأس المال مدى الدمار الذي يلحقه انفلات رأس المال بمجمل النظام الاجتماعي وقيمه، وأنّ عدم تقييده سيؤدي إلى الخراب ويفضي إلى نتائج غير محسوبة.
7- عدم تقديس آراء المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي كثيراً ما تُغفِل تقييماتها لاقتصادات الدول عن الجانب الاجتماعي وحقوق الطبقات العاملة والشعبية، كما أنّ نصائحها للإصلاح الاقتصادي كثيراً ما تعتمد على وصفة عامة تتمحور حول تحرير الأسواق المحلية من الرقابة وفتح الاقتصاد الوطني على الاقتصاد العالمي دون قيود؛ ومن دون اعتبار للمصلحة الوطنية للدولة ومصلحة ومواطنيها؛ ودون اعتبار لاختلاف مراحل التطور الاقتصادي بين الدول. إذ لا يخلو تاريخ هذه المؤسسات العالمية من التقييمات الخاطئة لاقتصادات الدول والنصائح الفاشلة التي قدمتها لها، وتعامل هده المؤسسات مع دول مثل مصر وتونس قبل ثورتيهما خير دليل على سلبية هذه النصائح.
8- تشجيع النشاطات الإنتاجية في القطاع الخاص، وتقديم التسهيلات والحوافز اللازمة كي يدخل القطاع الخاص في مجالات استثمار إنتاجية ذات مستويات تقنية عالية، ليسهم في إعادة البناء الاقتصادي وتوازنه، بدلاً من اختلاله الناجم عن غلبة الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد الساخنة كالمال والعقار والاستثمارات، مع ضرورة تحمّل هذا القطاع تبعات اختياراته الاقتصادية، وتأكيد المسؤولية الاجتماعية لرأس المال في توفير فرص العمل ودفع ضرائب على الدخل بهدف المساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة، والتأكيد على أنّ محاربة النتائج الطفيلية للعولمة الرأسمالية، والحماية الضرائبية للمنتجات المحلية وذات القيمة المضافة الوطنية، يشكلان أمرين ضروريين لدعم الميزانية العامة.
9- الأخذ بسياسة مالية ونقدية تستهدف تشجيع الاستثمار الإنتاجي؛ والحدّ من التضخم النقدي، والرقابة على القطاعين المالي والمصرفي وتجنّب محاولات فرض السيطرة الأجنبية عليهما، ووضع نظام ضريبي تصاعدي على أرباح الشركات الكبيرة والبنوك ، والتركيز الرقابي النوعي علي ميزانيات موازنات هذه الشركات والبنوك لمنع الاختلال الاستثماري وكبح الانجراف الطفيلي ومحاربة النشاطات الوهمية في أسواق المال، وتوجيه الاستثمارات الحكومية نحو تحقيق أهداف استثمارها بأقل درجة من المخاطر وأكبر مردود وعدم استثمارها في البلدان التي قامت بتجميد أرصدة الدول الأخرى، وتوجيهها نحو البلدان الخليجية والعربية ما أمكن، ورفض تدفقات الاستثمارات الأجنبية لأغراض المضاربة.
10- وضع سياسة عقلانية للاستيراد، ودعم الجمعيات التعاونية عن طريق إعادة تنظيم القطاع التعاوني وتطويره وتعزيز دوره في فروع الاقتصاد الوطني الإنتاجية والخدمية، مع العمل على تخليصه من الفساد، وإخضاعه للرقابة والشفافية من جانب المساهمين وتحريره من الوصاية الحكومية المفروضة عليه. وتوفير التسهيلات والحماية لصغار ومتوسطي التجار.
11- إحداث إصلاح إداري شامل بحيث يتم تطوير الإدارة الحكومية لتكون في خدمة المواطنين والمجتمع، وتوجيه نشاط جهاز الدولة ككل بشكل أكثر انتظاماً وانسجاماً، ومعالجة مشاكل التضخم الوظيفي وانخفاض الإنتاجية والفساد الإداري، ووضع أسس موضوعية عادلة وشفافة للترقية والتقدم الوظيفي، والتخفيف من الشكليات الإدارية والبيروقراطية والروتين، والاستفادة من التقنية الحديثة للمعلومات والاتصالات في تطوير الخدمات الإدارية.
12- الحد من الفساد ومكافحته تكتسبان أهمية قصوى، وهذا ما يتطلب سن قوانين وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ووضع إجراءات وتدابير لمنع استغلال النفوذ، والكشف عن الذمة المالية لكبار المسؤولين في الدولة، وتضارب المصالح، وفضح التجاوزات ومحاولات التطاول على المال العام ونهبه، مع تعزيز أجهزة الرقابة الدستورية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة بالشفافية ومكافحة الفساد، والعمل على وقف إفساد الحياة السياسية والبرلمانية والمؤسسات الإعلامية، وذلك بوضع سقف أعلى للإنفاق الانتخابي وكشف مصادر تمويل الحملات الانتخابية ووسائل الإعلام.
13- إصلاح السياسات الاقتصادية الاجتماعية واتخاذ جملة من التدابير الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لصالح أوسع الفئات الشعبية وتلبية احتياجاتها الحيوية، ومنها:
أ- تقوية شبكة الأمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لصالح الفئات الشعبية متدنية الدخول والقطاعات المهمشة، وأن تشمل الضمان الاجتماعي ضد البطالة والتعطّل عن العمل، ووضع سياسة أسعار تقوم على أساس المراقبة الصارمة على أسعار السلع، وتقوية أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك من رفع الأسعار والغش التجاري، ومنحها صلاحيات الرقابة الفعالة والضبط القضائي. وتوسيع قائمة السلع المدعومة والمشمولة بالبطاقة التموينية بالنسبة للمواطنين أصحاب الدخول المتدنية، واعتماد سلم متحرك للرواتب والأجور بربطها بارتفاع تكاليف المعيشة (مؤشر أسعار المستهلك)، ودعم دور الجمعيات التعاونية، وعدم فرض ضرائب غير مباشرة على المستهلكين.
ب- توسيع نطاق المساحات المتاحة للسكن من الأراضي المملوكة للدولة بهدف توفير المزيد من الأراضي وخفض أسعارها، وفرض ضريبة عقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، والحد من المضاربات العقارية، و تحسين خدمة الرعاية السكنية وتنوعها من حيث التصاميم والمساحة وقروض التأثيث الميسرة، وسن قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان وأصحاب المحلات ويأخذ بعين الاعتبار مصالح صغار الملاك.
ت- توسيع نطاق الخدمات العامة وتحسين مستواها ونشرها على قدم المساواة في جميع المناطق، وبالأخص الخدمات الصحية والتعليمية، بتوفير الخدمات النوعية كالخدمات العلاجية المتخصصة وزيادة أَسرّة المستشفيات، وفتح فروع للمعاهد الخاصة والتطبيقية في المحافظات، وزيادة عدد الحدائق العامة وتوفير الخدمات الترفيهية والمرافق الرياضية المناسبة للأطفال والشباب والأسر والمسنين.
ث- عدم المساس بالحقوق الاجتماعية المكتسبة، وإعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، ومراعاة الظروف المعيشية للطبقة العاملة والفئات الشعبية من المواطنين والمقيمين.
أما عن الأزمة الاقتصادية التي يشهدها النظام الرأسمالي العالمي مند عام ٢٠٠٨ وحتى امتداداتها الآن فهي في رأي "التيار التقدمي الكويتي" نتاج احتدام التناقضات البنيوية الصارخة للرأسمالية التي تجلّت في طغيان قطاع المال وفقاعاته، وقطاعات الاقتصاد غير الفعلي على قطاعات الاقتصادات الفعلية، وتعاظم الدَيْن واستمرار تقلّص الفواصل الزمنية بين دورات الأزمات العامة، كما أنّها تعبّر عن تفاقم التناقض الرئيسي بين العمل ورأس المال، وبين الطابع الاجتماعي المتزايد للعمل وطبيعة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وتكشف حقيقة أنّ الرأسمالية آيلة إلى زوال بوصفها نظاماً قائماً على الاستغلال الطبقي والظلم الاجتماعي وإخضاع الشعوب وإفقارها ونهب ثرواتها وتدمير البيئة وخلق التوترات وتأجيج الصراعات وافتعال الحروب لهثاً وراء تعظيم الأرباح وتكوين الثروات وتراكمها وتمركز رأس المال... فبالإضافة إلى عدم الاستقرار الاقتصادي واحتمالات الفوضى اللذين أصبحا يلوحان في الأفق، خاصة مع التغير النوعي الذي تشهده الدورة الاقتصادية الرأسمالية، فإنّ الرأسمالية هي نظام اجتماعي استغلالي يتفسخ، وذلك على الرغم من قدرتها على التكيّف والمراوغة وتأجيل نهايتها المحتومة، إلا أنّ هذه القدرة على التكيّف، بل وحتى الإصلاحات، التي تلجأ إليها الرأسمالية لإطالة عمرها لا يمكن أن تنتج نظاماً اجتماعياً عادلاً.
"التيار التقدمي الكويتي"
21 أغسطس 2011